وزير الخارجية وبومبيو يرأسان الاجتماع الثاني للحوار الاستراتيجي اليوم

266 ‎مشاهدات Leave a comment
وزير الخارجية وبومبيو يرأسان الاجتماع الثاني للحوار الاستراتيجي اليوم
تترقب أنظار العالم اليوم، انعقاد الاجتماع الثاني للحوار الاستراتيجي القطري الأميركي بالدوحة، بوصفه حدثاً دولياً بارزاً؛ لا يعني مستقبل العلاقات بين البلدين فحسب، بقدر ما يشدّ اهتمام الحكومات والمراقبين الدوليين لمعرفة المخرجات والقرارات التي سيخرج بها الاجتماع. وإن كانت قطر والولايات المتحدة الأميركية تستعدان للإعلان عن انطلاق مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتعزيز شراكتهما في المجالات السياسية، والاقتصادية، والدفاعية، والثقافية، وغيرها، من خلال توقيع مزيد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي ستتوّج الاجتماع رفيع المستوى بين البلدين، ومناقشة 6 ملفات رئيسة على طاولة الحوار. بالمقابل، ترقب أنظار العالم التصريحات والمواقف التي سيعلنها وزيرا خارجية البلدين في مؤتمر صحافي مشترك في ختام اليوم، يحدّدان من خلاله رؤية الدوحة وواشنطن لتطوير شراكتهما الاستراتيجية من جهة، ومواقفها من القضايا الإقليمية والدولية من جهة أخرى، وفي مقدمتها مستقبل الأزمة الخليجية التي تراوح مكانها منذ أزيد من عام ونصف، جراء تعنّت دول الحصار!
نتائج متوقعة من النسخة الثانية للحوار الاستراتيجي

استبقت سعادة لولوة الخاطر، المتحدثة باسم وزارة الخارجية، الاجتماع الثاني للحوار الاستراتيجي القطري – الأميركي، بحوار لوكالة الأنباء القطرية، أعلنت من خلاله أن الاجتماع يهدف إلى تعزيز التعاون مع الحليف الأميركي المهم، وتطوير العلاقات القطرية الأميركية التي تتسم بمتانتها واعتمادها على القيم المشتركة والاحترام المتبادل.
ونوّهت إلى أن الحوار الاستراتيجي القطري – الأميركي، سيشمل نقاشاً رفيع المستوى في عدد من المجالات السياسية والاقتصادية والدفاعية والثقافية، كما سيشهد توقيع عدد من مذكرات التفاهم التي تعزز التعاون فيما يصبّ بمصلحة الشعبين القطري والأميركي.
بدورها نشرت وزارة الخارجية، عبر موقعها الإلكتروني، «إنفوجرافيك» يشير إلى أن النتائج المتوقعة من النسخة الثانية من الحوار الاستراتيجي القطري – الأميركي ستشهد «تعزيز الشراكة الراسخة بين البلدين في مكافحة الإرهاب»، و»فتح أسواق جديدة للاستثمارات القطرية في الولايات المتحدة»، و»تواصل التنسيق والتشاور السياسي حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية»، و»توطيد العلاقات العسكرية والدفاعية»، و»تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والموانئ والمصارف»، و»تبادل الخبرات لتأمين الفعاليات الرياضية الكبرى استعداداً لمونديال 2022، ومواجهة تحديات الأمن السيبراني، وجرائم القرصنة الإلكترونية».
وكانت وزارة الخارجية الأميركية أعلنت، في وقت سابق عبر موقعها الإلكتروني، أن النسخة الثانية من الحوار الاستراتيجي القطري – الأميركي بالدوحة ستبحث تعزيز الشراكة الاستراتيجية في مجالات عدة، أبرزها تعزيز التعاون في ميدان الدفاع، ومكافحة الإرهاب، والطاقة، والعمل، والتربية، والثقافة، والتجارة.
ونوّهت إلى أن وزير الخارجية الأميركي سيجتمع مع المسؤولين في دولة قطر، ويتباحث معهم القضايا الإقليمية، بما في ذلك الوضع في أفغانستان، وأهمية وحدة مجلس التعاون الخليجي في مواجهة إيران، إلى جانب قضايا الأمن في المنطقة.

46 عاماً من العلاقات الثنائية

شهدت العلاقات القطرية الأميركية خلال الأعوام السابقة، منحى تصاعدياً تجسّد في العديد من الاتفاقيات الثنائية المتنوعة، حيث بدأت العلاقات القطرية الأميركية عام 1972، تاريخ افتتاح البعثة الدبلوماسية الأميركية في الدوحة، إلا أن الانطلاقة الفعلية للعلاقات بين البلدين كانت في أوائل التسعينات، وأخذت مناحي عدة، وتطورت إلى أن وصلت إلى ما هي عليه اليوم. كما احتل التعاون الأمني بين البلدين مكانة مرقومة لما تلعبه الدوحة ودبلوماسيتها الناجحة من دور بارز في الوساطة، وحل النزاعات، ومحاولات التوفيق والمساعدة في صياغة المخارج السياسية للأزمات.
وكانت قطر أول دولة توقع مذكرة تفاهم لمكافحة تمويل الإرهاب مع الولايات المتحدة الأميركية، في إطار التعاون الثنائي المستمر بين البلدين، وتتويجاً للعمل المشترك بين الجانبين، وتبادل الخبرات والمعلومات، وتطوير هذه الآلية، وكذا تطوير المؤسسات بين الدول.
وشهدت الفترة الأخيرة التي سبقت الاجتماع الثاني للحوار الاستراتيجي بين البلدين، زخماً من الاتصالات الثنائية بين المسؤولين في دولة قطر والولايات المتحدة الأميركية.

الدوحة تؤكد قناعتها ورؤيتها لحل الأزمات بالمنطقة

يترقب العالم نتائج أول زيارة لسعادة مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي إلى قطر، وما يمكن أن يقدمه من ضمانات أو مبادرات لإعادة إحياء الوساطة الكويتية «المتعثرة» جراء تعنّت دول الحصار، إلى جانب الكشف عن مزيد من ألغاز المبادرة الجديدة التي أعلن عنها بومبيو، بشأن عقد قمة دولية في بولندا قريباً، لمواجهة إيران.
وإلى حين معرفة ما سيقوله بومبيو بشأن الأزمة الخليجية، فقد استبق سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، جولة بومبيو للمنطقة بتغريدة، جدّد من خلالها التأكيد على قناعات دولة قطر ورؤيتها لحل الأزمات المتفاقمة في المنطقة.
وغرّد سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، قائلاً: «إن افتعال الأزمات وخلق عدوٍ وهمي ليس بالسياسة الناجحة خاصة في منطقتنا، فما نحتاجه اليوم هو التنمية الحقيقية لشعوبنا والحوار القائم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وليس المراهقة السياسية».
وتابع قائلاً: «فإن الحفاظ على حقوق ومكتسبات شعوبنا وتوظيف مقدرات دولنا لخدمتهم أفضل بلا شك من إلهاء الشعوب وإشغالها بأزمات مفتعلة لا جدوى منها ولا طائل، ومحاولة خداعهم بانتصارات وهمية، «فالشمس لا تغطى بغربال».
وأوضح سعادته أن «الدوحة ماضية في مسيرة نهضتها لتكون نموذجاً وأملاً لما يمكن أن يكون عليه عالمنا العربي، ففي قطر اتحدت القيادة الصادقة الحكيمة والإرادة الجماعية الحقيقية والنتيجة بفضل الله ومنّه نراها اليوم، ولن ندخر جهداً للمحافظة عليها».

هواجس دول الحصار من التقارب القطري – الأميركي

في الوقت الذي تستعد قطر والولايات المتحدة لإعلان بداية مرحلة جديدة من شراكتهما الاستراتيجية في مختلف المجالات، عبر توقيع مزيد من مذكرات التفاهم، وتأكيد تسمكهما بتحالفهما المشترك، تقف دول الحصار من خلف الستار، وهي تراقب بشعور مزيد من القلق والغضب، نجاح دولة قطر في الحفاظ على ثقة الشريك الأميركي الاستراتيجي، برغم كل الضغوطات التي مارستها دول الحصار، عبر مسؤوليها وجماعات الضغط الدولية، لمحاولة النيل من مصداقية دول قطر، وفرض عزلة دبلوماسية عليها، بتسويق اتهامات جوفاء، تزعم دعم قطر وتمويلها للإرهاب!
ومن المؤكد أن دول الحصار لن تقف مكتوفة الأيدي، وستحاول عبر قنواتها المختلفة، النيل من التقارب القطري- الأميركي، رغم فشلها في تحقيق ذلك طيلة السنوات الماضية.
وإلى جانب الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية بين قطر، فإن تمسك واشنطن بالحليف القطري في مواجهة الإرهاب، والتأكيد على دوره في مكافحة تنظيم الدولة، ومحاربة الإرهاب في مختلف مناطق العالم، شكّل أكبر صفعة تلقتها دول الحصار، قبل أن تنهار كلية أمام رفض الإدارة الأميركية كل محاولات وضغوطات تلك الدول لتحويل قاعدتها المركزية من «العديد» بالدوحة، إلى إحدى دول الحصار.

تعاون دفاعي استراتيجي

في المجال العسكري، وقّع البلدان في يونيو 2017 اتفاقية عسكرية تقضي بشراء طائرات مقاتلة من طراز «أف15»، بتكلفة مبدئية تبلغ 12 مليار دولار. وستساهم هذه الاتفاقية في خلق 60 ألف فرصة عمل في 24 ولاية أميركية؛ حيث تمثّل هذه الاتفاقية تأكيداً للالتزام طويل المدى لدولة قطر للعمل مع الأصدقاء والحلفاء في الولايات المتحدة الأميركية، من أجل تعزيز الروابط العسكرية لتدعيم التعاون الاستراتيجي في الحرب ضد العنف المتطرف، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة العربية والعالم.
ومنذ بداية الحصار المفروض على قطر في الخامس من يونيو 2017، زار قطر العديد من المسؤولين السياسيين والعسكريين من الولايات المتحدة الأميركية؛ بدءاً من وزير الدفاع المستقيل جيمس ماتيس، ووزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، ومسؤولين آخرين، الأمر الذي يعكس استمرار العلاقات القوية بين الولايات المتحدة الأميركية وقطر على وتيرتها، كما ورد مراراً على لسان المسؤولين القطريين والأميركيين. كما وقّعت قطر والولايات المتحدة اتفاقية لتعزيز مكافحة الإرهاب، كما استمر تبادل الزيارات الثنائية.
وفي سبتمبر الماضي، احتفلت القوات المسلحة القطرية والقيادة الجوية المركزية الأميركية بتسليم مقاليد القيادة الجوية المركزية الأميركية الجديدة، بقيادة الفريق جوزيف غاستيلا، خلفاً للفريق جيفري هاريغان؛ حيث تتخذ القيادة الجوية المركزية الأميركية من دولة قطر مقراً لها. ووضعت وزارة الدفاع حجر الأساس لمشروع توسيع قاعدة العديد الجوية، وتطوير قاعدة الدوحة الجوية، لاستقبال الطائرات والمنظومات الجديدة التي دخلت الخدمة بالقوات الجوية، وعلى رأسها «الرافال» الفرنسية، و»F15» الأميركية و»تايفون» الأوروبية وطائرات متطورة أخرى، إلى جانب تطوير منظومات القيادة والسيطرة بدخول أحدث منظومات الرادار، والاتصالات.
ويشمل مشروع توسعة قاعدة «العديد» بناء ثكنات سكنية ومبانٍ خدمية لدعم المساعي الأمنية المشتركة، بالإضافة إلى رفع جودة حياة القوات المقيمة في القاعدة الجوية، بقيمة 3 مليارات دولار أميركي.
وقالت وزارة الدفاع القطرية إن هذه الخطوة تأتي لتؤكد على التزام دولة قطر بتعميق العلاقات العسكرية الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، وانطلاقاً من التزام كلّ من قطر والولايات المتحدة الأميركية بتطوير وتوطيد التعاون والتنسيق العملياتي العسكري بين البلدين.
وخلال السنوات الثلاث الأخيرة، اتخذت العلاقات الأمنية بين البلدين بُعداً جديداً، بشراء قطر معدات وأنظمة عسكرية بقيمة 26 مليار دولار، وهو استثمار ليس فقط في المعدات العسكرية، وإنما يدعم استراتيجية العلاقات بين البلدين، لأنها تتضمن برامج تدريب مستدامة، مثل صفقة ما بين 36 و72 شراء مقاتلات (أف 15) خلال العام الماضي.
ولخّص سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع، العلاقات بين قطر والولايات المتحدة، قائلاً: «علاقتنا مع واشنطن استراتيجية ومبنية على الاحترام المتبادل. وحتى خلال الأيام الصعبة في الإدارة الأميركية، وفي وقت المحن، كان دوماً هناك احترام متبادل بيننا، ولا وجود لتهديد أو تخويف، أو شروط مسبقة من الولايات المتحدة، وهي تحترم قراراتنا السيادية».

6 مليارات دولار مبادلات تجارية بين البلدين

تتمتع قطر والولايات المتحدة بعلاقات اقتصادية وثيقة منذ أوائل التسعينات؛ ففي عام 2010، أسست غرفة التجارة الأميركية أول غرفة تجارية أجنبية في قطر؛ حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين قطر والولايات المتحدة الأميركية ما يقارب 6 مليارات دولار في عام 2016، وتعدّ الولايات المتحدة سادس أكبر شريك تجاري لدولة قطر. وتتمثل الصادرات الأميركية الرئيسية إلى قطر في الطائرات والمركبات والآلات الكهربائية والأجهزة الطبية، بينما تتمثل واردات الولايات المتحدة الأميركية من قطر في الوقود والأسمدة.
في حين تستثمر قطر في التكنولوجيا، والإعلام، والترفيه، والطاقة، والعقارات وقطاعات أخرى. كما يهدف جهاز قطر للاستثمار إلى زيادة وتعزيز الاستثمارات في الولايات المتحدة؛ حيث يعتزم استثمار 35 مليار دولار في السوق الأميركية خلال السنوات الخمس المقبلة، مما يساهم في خلق آلاف من فرص العمل الأميركية.
وخلال 2017، كانت الولايات المتحدة أكبر شريك استيراد لدولة قطر. كما استثمرت شركات الطاقة الأميركية مليارات الدولارات في تطوير قطاع الطاقة في قطر. وتعمل شركات الطاقة الأميركية بشكل متزايد على إقامة شراكة مع «قطر للبترول» في الخارج. وفي الوقت نفسه، تعهدت الحكومة القطرية باستثمار 45 مليار دولار أميركي في الولايات المتحدة بحلول عام 2020 من خلال جهاز قطر للاستثمار؛ حيث سيتم استثمار عشرة مليارات دولار أميركي منها بشكل مباشر في البنية التحتية الأميركية. وقد تم بالفعل استثمار أكثر من نصف هذه الأموال».

ترقّب إعلامي لنتائج أول زيارة لبومبيو إلى الدوحة

شهد فندق الشيراتون، أمس، بداية توافد المسؤولين بالوفد الأميركي للوقوف على آخر التحضيرات والترتيبات لانعقاد الحوار الاستراتيجي القطري الأميركي. وبالمثل، توالى وصول الإعلاميين والصحافيين من داخل قطر وخارجها لتغطية الاجتماع الثاني للحوار الاستراتيجي القطري الأميركي، الذي يتعدى كونه مجرد حدث ثنائي يعنى بعلاقات البلدين فحسب، بقدر ما يستقطب اهتماماً عالمياً بارزاً، لترقب ما يمكن أن يخرج به البيان الختامي للنسخة الثانية من الحوار الاستراتيجي، لتطوير العلاقات الثنائية التي وصفها مسؤولو البلدين أكثر من مرة، بـ «الاستراتيجية»، ولا سيّما ما بتعلّق بتعزيز الشراكة الاقتصادية والاستثمارات المشتركة بين البلدين.;