يقول الكاتب يوجين روبنسون إن حكومة الولايات المتحدة “بيد رجل شرير” طالما ظل الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض.
ويشير الكاتب في مقاله بصحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى أن هذا الوصف استعاره من مقال كتبه عام 1866 فريدريك دوغلاس، أحد دعاة التحرر من الرق والمدافعين عن حقوق السود في ذلك الوقت.
ويستهل روبنسون مقاله بعبارة دوغلاس التي جاء فيها أن الحكومة الأميركية “قد تقع أحيانا بيد رجل شرير. وعندما تكون بيد رجل صالح فإن الأمور كلها تكون طيبة.. وينبغي علينا تشكيل حكومتنا بحيث نكون في مأمن حتى لو وقعت بيد رجل شرير”.
ويشير إلى أن دوغلاس قال عبارته المشهودة تلك عندما حاول رئيس البلاد آنذاك أندرو جونسون نقض القرار المتعلق بالحرب الأهلية الأميركية التي اندلعت بين الشمال والجنوب في ستينيات القرن التاسع عشر.
ويرى روبنسون في مقاله أن أميركا وقعت مرة أخرى في براثن “رجل شرير” آخر هو دونالد ترامب، مشيرا إلى أن على الكونغرس أن يتصرف بمسؤولية ودون تهور ويتصدى لقضايا محددة بأساليب واضحة.
جدار عازل
ويركز المقال بصفة خاصة على مسعى ترامب لبناء جدار عازل على الحدود مع المكسيك، يلقى رفضا من جانب الكونغرس، مما أسفر عن إغلاق دواوين الحكومة في البلاد.
ويتطرق روبنسون إلى العديد من “الأكاذيب الكبرى” التي دأب على إطلاقها مسؤولو الإدارة الأميركية الحالية، ومن بينها تصريحات المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز التي ربطت فيها بين المهاجرين إلى الولايات المتحدة والإرهاب.
ففي مقابلة أجراها معها كريس والاس مذيع أخبار الأحد في قناة فوكس نيوز، ادعت ساندرز أن قرابة أربعة آلاف “من الإرهابيين المعروفين أو المشتبه بهم يدخلون إلى بلدنا بصورة غير شرعية.. وأن أضعف نقاط الحدود هي تلك الواقعة عند حدودنا الجنوبية”.
وعندما اعترضها والاس بالقول إن أولئك المهاجرين يدخلون عبر المطارات لا عبر الحدود البرية، ما كان من ساندرز إلا أن لجأت إلى أسلوب الإدارة المعتاد في الرد على الحقائق المرة التي تواجه بها وهي الكذب، على حد تعبير كاتب المقال.
الهجرة والمخدرات
ويورد روبنسون أن ساندرز زعمت أيضا أن تجارة المخدرات أحد الأسباب وراء سعي واشنطن لبناء الجدار الفاصل. غير أن إدارة مكافحة المخدرات تؤكد أن معظم المخدرات القادمة من المكسيك تدخل البلاد في شاحنات مقطورة أو سيارات عبر نقاط عبور قانونية.
وتصف إدارة ترامب الجدار الفاصل بأنه وسيلة للقضاء على الهجرة غير الشرعية، في حين أن الحقيقة -كما يقول روبنسون- هي أن أغلب المهاجرين الذين لا يحملون وثائق ثبوتية دخلوا الولايات المتحدة بطرق شرعية وتجاوزوا مدة الإقامة الممنوحة له.
ويضيف الكاتب أن نحو سبعين ألفا من هؤلاء المهاجرين -طبقا لإحصائيات وزارة الأمن الوطني بإدارة ترامب منذ عام 2017- جاءت غالبيتهم من كندا، ثم المكسيك والبرازيل والصين. ويعلق ساخرا بالقول إن ترامب يبدو كما لو أنه قلق مما يحدث في “الحدود الخطأ”.
والمفارقة أن تلك هي الأرقام التي أعلنتها الإدارة الحالية. ويدرك الرئيس ترامب أن الجدار خطوة “مكلفة وهدامة”، وليس مصمما لجعل البلاد أكثر أمنا، وفقا لروبنسون.
والغرض من بناء الجدار -برأي الكاتب- لا يعدو أن يكون سندا لموقف ترامب السياسي المحابي للأميركيين البيض ممن يريدون وقف أو الحد من تحول أميركا إلى دولة ذات أغلبية سمراء.
ويخلص روبنسون إلى القول إن الأميركيين لا يطلبون أن يبلغ رؤساؤهم درجة الكمال، لكنهم لن يقبلوا بسياسة “الاستخفاف المثيرة للفرقة والشقاق” التي يجسدها جدار ترامب الفاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك.
المصدر : الجزيرة,واشنطن بوست