الجبن مقابل السيارات.. “جيفتا” أكبر سوق للتجارة الحرة بالعالم

794 ‎مشاهدات Leave a comment
الجبن مقابل السيارات.. “جيفتا” أكبر سوق للتجارة الحرة بالعالم

خالد شمت-برلين

مهّد استكمال المؤسسات الأوروبية التصديق على اتفاقية “جيفتا” للتجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي واليابان، الطريق أمام دخول هذه الاتفاقية المثيرة للجدل حيز التنفيذ مطلع فبراير/شباط المقبل، وإطلاق ما وصفته بروكسل وطوكيو بأكبر سوق للتجارة الحرة في العالم.

وجاء هذا التصديق بعد موافقة نواب البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي بأغلبية كبيرة على “جيفتا” التي ستؤسس لسوق تشمل 635 مليون مستهلك.

وتمثل البضائع المتداولة في هذه السوق ثلث قيمة الناتج الاقتصادي العالمي، لكن منظمات أوروبية غير حكومية عبرت عن رفضها لهذه الاتفاقية، وحذرت من تداعياتها البيئية وتسببها بخصخصة مرافق حيوية مملوكة لدول الاتحاد الأوروبي.

واعتبر الاتحاد الأوروبي واليابان أن اتفاقهما التجاري الذي بدأ التفاوض عليه عام 2013، موجه ضد السياسة الاحتكارية والحمائية للولايات المتحدة.

وتكتسب اتفاقية “جيفتا” أهمية رمزية للاتحاد في ضوء خروج بريطانيا المتوقع من عضويته، وفشل مفاوضاته حول اتفاقية التجارة الحرة “تي تي أي بي” مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وانسحاب واشنطن من اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادي.

فوائد ومخاوف
وقالت المفوضة التجارية للاتحاد الأوروبي سيسليا مالمشتروم إن جيفتا -التي تمثل أكبر اتفاق تجاري يجري التفاوض عليه- ستجلب فوائد جمة للشركات والمزارعين ومزودي الخدمات الأوروبيين.

وأطلقت الأوساط الاقتصادية الأوروبية على الاتفاقية الجديدة وصف “اتفاقية الجبن مقابل السيارات”، لأنها ستفتح أبواب أسواق اليابان على مصارعها أمام المنتجات الزراعية الأوروبية، وتخفض الرسوم الجمركية على السيارات اليابانية في أوروبا إلى الصفر.

وتجنبت بروكسل وطوكيو في الاتفاقية التجارية الجديدة التعرض لنصوص تسببت في إفشال مفاوضات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على اتفاقية التجارة الحرة “تي تي أي بي”، خاصة ما يتعلق بمنح الشركات الكبرى حقوقا استثنائية وخاصة للتقاضي ضد القرارات الحكومية التي تتعارض مع مصالحها.

وستؤدي اتفاقية جيفتا -بحسب نصوصها- لإزالة الحواجز والعوائق التجارية بين الاتحاد الأوروبي واليابان، وتلغي 85% من الرسوم الجمركية بينهما حتى تصفيرها خلال 15 عاما.

وتتيح الاتفاقية لألمانيا وحدها تصدير منتجات زراعية إلى اليابان بقيمة 19.5 مليار يورو سنويا، وتمنح الموردين الأوروبيين -خاصة شركات صناعة السكك الحديدية ومزودي الخدمات اللوجستية- عقودا من الحكومة اليابانية.

سيسليا مالمشتروم تتحدث للحزب الاشتراكي الألماني ببرلين عن محددات اتفاقيات التجارة الحرة الأوروبية مع الأميركيتين وآسيا (الجزيرة)

تحذير
في المقابل، يؤشر خفض الجمارك على واردات أوروبا من السيارات اليابانية إلى الصفر، إلى منافسة حادة لصناعة السيارات الألمانية، وهو ما تحسّب له الأوروبيون بتضمين جيفتا بندا خاصا يتيح لهم إيقاف خفض الرسوم الجمركية على السيارات اليابانية.

ورغم هذه الفوائد التي تحققها اتفاقية التجارة الحرة مع اليابان لأوروبا، فإن حزب الخضر الألماني المعارض حذر من تسبب هذه الاتفاقية في زيادة معدلات الانبعاثات الغازية والحرارية.

وعبّرت منظمات أوروبية غير حكومية عن رفضها لجيفتا، وتخوفت من تخفيضها المعايير البيئية والاجتماعية المعمول بها في الاتحاد الأوروبي، وتسببها في انتقال السيطرة على مرافق المياه والري والصرف الصحي -التي تعد ملكيات عامة في معظم الدول الأوروبية- إلى القطاع الخاص.

فائدة الشركات
وبخلاف ما جرى في اتفاقية التجارة الحرة الأوروبية الكندية (سيتا) بالتصديق عليها في البرلمانات الوطنية للدول الأوروبية إضافة لتصديق البرلمان الأوروبي، اقتصر الأمر في اتفاقية جيفتا على تصويت البرلمان الأوروبي وحده.

وتعتبر آنا كروغر رئيسة القسم الاقتصادي في صحيفة دير تاجستسايتونغ (تاتس) الألمانية أن عدم تصويت برلمانات الدول الأوروبية على اتفاقية التجارة الحرة مع اليابان، يعد خطئا كبيرا.

ورأت كروغر أن اتفاقية جيفتا كسابقتها مع كندا (سيتا)، جاءت لمصلحة الشركات الكبرى وليس لصالح المواطنين الأوروبيين.

وأشارت إلى أن غياب المعايير البيئية والاجتماعية في جيفتا وإعطاء هذه الاتفاقية أولوية لتأمين مصالح الشركات الكبرى، يمنح هذه الشركات إمكانية التأثير على التشريعات الأوروبية، ويمهد الطريق لمزيد من الاستغلال للبشر والبيئة.

المصدر : الجزيرة