باستثناء أورانوس ونبتون، فإنه يمكن رؤية كل كوكب في مجموعتنا الشمسية دون مساعدة التلسكوب، حيث يمكن مشاهدة خمسة أنوار متألقة في سماء الليل تتوهج بشغف، لكنها لا تتلألأ أبدا. ورغم جاذبيتها فإن هناك شيئا مميزا في ضوء واحد منها؛ فهو يضيء بشيء من الاحمرار.
كوكب صدئ
عندما يصادف معدن ما الأكسجين -سواء في الهواء أو الماء- يصبح عرضة لتشكيل طبقة أكسيد المعدن، وتسمى هذه العملية بالتآكل، وعندما تحدث للحديد، فإن طبقة أكسيد الحديد تسمى “الصدأ”، تلك المادة المعروفة للجميع والتي تظهر بشكل طبقة حمراء خشنة في الآلات فتجعلها تفقد قيمتها.
المريخ أيضا أحمر لأنه مصاب بالصدأ، حيث إن كمية هائلة من ثراه -مادة سطحه- تضم أكسيد الحديد، والعواصف الترابية الصاخبة حملت الغبار الأحمر إلى غلافه الجوي، فجعلته أحمر.
لكن من أين أتى الحديد؟ والأهم من ذلك: من أين أتى الأكسجين؟
تعود القصة إلى 4600 مليون سنة، حيث يعتقد علماء الفلك -في إحدى نظرياتهم- أن نظامنا الشمسي تكون من بقايا نجم ميت.
ويموت النجم عندما لا تعود المادة في مركزه قادرة على إنتاج الطاقة لمواجهة ضغط الجاذبية. ويستمد النجم هذه الطاقة من الحرارة الناتجة عن الاندماج النووي لذرات الهيدروجين في مركزه والتي تشكل ذرات الهيليوم. وفي نهاية المطاف، فإن كافة ذرات الهيدروجين تندمج لتشكل ذرات هيليوم، والتي تندمج لتكون ذرات الكربون وهكذا حتى يتم في النهاية تصنيع الحديد.
لكن الحديد يرفض الاندماج أكثر من ذلك. ومن دون طاقة لمواجهة ضغط الجاذبية ينهار النجم تحت ضغط كتلته ثم يموت في نهاية المطاف بانفجار هائل يعرف باسم “سوبرنوفا”، قاذفا مكوناته في أرجاء الكون.
المركبة كريوسيتي التابعة لناسا التقطت صورة “سيلفي” لنفسها على سطح المريخ في يناير/كانون الثاني 2018 (رويترز) |
ودون خوض في التفاصيل، فإن مكونات أحد تلك النجوم الميتة (سحابة غبار وغاز) تكتلت معا (ربما بتأثير موجات في الفضاء نتجت من انفجار نجم قريب) لتشكل الشمس والكواكب، وتجمع الحديد ليشكل نواة الكواكب الأربعة الأولى، أو ما تسمى بالكواكب الأرضية.
لكن في حين كانت الأرض كبيرة بما يكفي لضغط معظم الحديد وإغراقه في قلبها اليافع المنصهر، فإن المريخ -ثاني أصغر كوكب في نظامنا الشمسي- لم يستطع القيام بالشيء ذاته. ويحتوي قلب المريخ على الحديد، لكن علماء ناسا يعتقدون أن جاذبية الكوكب الضعيفة هي التي مكنت وجود الكثير من الحديد في الطبقات العليا أيضا، وهو ما يفسر أصل أكسيد الحديد.
ولكن ماذا عن الأكسجين؟
لا يزال مصدر الأكسجين مسألة افتراضات متعددة. ووفقا لإحدى النظريات، فإن جو المريخ الشاب شهد عواصف مطيرة عنيفة أدت إلى غمر سطحه الحديدي بالماء، لتتفاعل معه جزيئات الأكسجين المتحررة من جزيئات الماء، ليتشكل أكسيد الحديد ذو اللون الأحمر الدامي.
وهناك نظرية أخرى تشير إلى أن الأكسجين أُنتج بفعل أشعة الشمس تدريجيا على مدار مليارات السنين، حيث كسرت الأشعة الجزيئات التي تحتوي على الأكسجين، مثل ثاني أكسيد الكربون.
وفي كلتا النظريتين فإن إنتاج الأكسجين كان عملية طويلة الأمد، مما يعني أن الكوكب لم يبدأ باللون الأحمر. وإن عدم وجود تفسير قوي يعني أن لون الكوكب الأصلي في غابر الزمن لا يزال لغزا.
المصدر : مواقع إلكترونية