تراجع الدور القطري قد يلجم “متطرّفي” لبنان

1074 ‎مشاهدات Leave a comment

سارع المحلّلون إلى تفسير خلع الرئيس المصري محمد مرسي من الحكم بطريقة دراماتيكية كنكسة مهمة للسياسة الخارجية في قطر، الدولة الخليجية التي أكّدت على أنها الداعم والمموّل الأوّل لحكومة مرسي الموالية للإخوان المسلمين، وذلك منذ إسقاط الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2011.

ويمضي المحلّلون الى القول إنّ قطر بعدما أغدقت على مصر 8 مليارات دولار أيام حكم مرسي، كانت تراهن على الحركة الإسلامية التي تُعتبر المناصر الأساسي لها عالمياً، ومع سقوط مرسي تحوّل رهانها الى خطأ فادح. ولعلّ إعلان كل من نّدَّي قطر، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة معاً الثلاثاء الماضي التعهّد بدفع مساعدة بقيمة 8 مليارات دولار الى حكومة ما بعد مرسي- وهو المبلغ نفسه الذي دفعته قطر في السابق- شكّل الدليل الأكبر على فقدان الدولة الخليجية نفوذها.

ومصر ليست البلد الوحيد الذي يبدو أنّ قطر خسرت نفوذها فيه لتتقدّم عليها السعودية. فالشهر الماضي، نقل موقع NOW خبر سعي السعودية لاحتكار السيطرة على المعارضة في سوريا، التي لطالما انتُقدت لجنوحها أكثر نحو الإخوان. وتمّ النظر لاحقاً إلى ما تلى ذلك من اختيار أحمد الجربا المدعوم من السعودية كرئيس للإئتلاف الوطني السوري، وما أعقبه من استقالة غسان هيتو المدعوم من قطر، من منصبه كرئيس وزراء الثوار، كنتائج أثمرتها هذه الجهود.

مع ذلك، لا يرى كافة المحلّلين هذه التطورات كخسائر مباشرة لقطر. “الأمر ليس حقاً بهذا الوضوح”، قال أندرو حمود، صاحب كتاب The Islamic Utopia: The Illusion Reform in Saudi Arabia، الذي تحدّث الى NOW من الدوحة. “خلال الأشهر الأخيرة انهمك القطريون في قضية الخلافة في الحكم … ولذلك أعتقد أنّهم مسرورون بأن يكونوا خارج الصورة لدرجة معينة، وبأن يُذعنوا لهذه الضغوط التي مارسها السعوديون من أجل اقتحام المشهد”، أضاف حمود، مشيراً الى حلول الشيخ تميم محل والده الأمير أحمد آل ثاني كرئيس لدولة قطر. “اعتقد بأنهم اشتروا لأنفسهم بعض الوقت بقيامهم بهذا التغيير في هوية المسؤول رسمياً عن الأمور هنا. لا أعتقد أنّ ذلك يعني بالضرورة أنهم لن يعودوا”.

ويعلّل حمود وجهة نظره هذه بأنّ قطر لن تتخلّى عن تحالفها التاريخي مع الإخوان. “منذ زمن طويل يوجد ممثل للإخوان في قطر. والشيخ البارز الموالي للإخوان يوسف القرضاوي مقرّب من الأمير الجديد بقدر ما كان مقرباً من والده. ولذلك فمن الصعب تخيّل أنهم سوف يقومون بتحوّل كبير ومفاجئ بعدما جمعتهم بهؤلاء الناس علاقة لفترة طويلة”. ويضيف حمود أنّه في الواقع وبينما تستند هذه العلاقة جزئياً إلى المصلحة الشخصية، فهي كذلك “تتسّم بمزايا أخرى، حيث يوجد تعاطف معين من قبل قطر تجاه الإخوان. وهم يرونهم في وسط المشهد السياسي العربي”.

في كل الأحوال، فإن ما ربحه السعوديون على حساب قطر سيكون له تأثيرات إيجابية على لبنان، وفقاً للنائب السابق من حركة “التجدّد الديمقراطي” مصباح الأحدب، الذي قال لـNOW إنّه في حين يرعى السعوديون بشكل أساسي “تيار المستقبل” غير الإسلامي، فإن قطر موّلت بشكلٍ رئيس في السنوات الأخيرة المجموعات الإسلامية، وبينها غالبية المجموعات المقاتلة في مدينته ومسقط رأسه طرابلس.
“سيكون أمراً مطمئناً جداً إذا بدأ السعوديون الاهتمام مجدداً في لبنان، لأنّنا كنّا لبعض الوقت في أيدي القطريين الذين راحوا يوزعون الأموال يميناً ويساراً، ما جعل الوضع برمته يصبح متطرفاً، وساهموا بإيجاد مقاتلين يفتقرون للتنسيق وللهدف. كان أمراً غاية في الخطورة”، أضاف الأحدب.

بدوره وافق مصطفى علوش النائب السابق عن “تيار المستقبل” على هذا التوصيف، مضيفاً لموقع NOW أنّ انهيار النفوذ القطري على لبنان بدأ أصلاً، ويدلّ على ذلك القضاء على حركة الشيخ أحمد الأسير في صيدا، الذي سرت شائعات بأنه عميل قطري.

“لعبت قطر ألعاباً خطيرة من خلال تمويلها الحركات المتطرفة والراديكالية في محاولة منها لمواجهة النفوذ السعودي على المعتدلين. ما حدث للأسير وردّات الفعل المحدودة عليه يدلّ على أنّ هذه الحركات أضعف اليوم. ولذلك سوف نرى في لبنان تمكيناً للحركات المعتدلة، وإضعافاً للحركات المتطرفة”، قال علوش.

إلاّ أنّ حمود يعتبر أنّ لبنان قد لا يستفيد بالضرورة من صعود نجم المملكة العربية السعودية. “أرى أنّ ذلك لن يجعل الوضع مسالماً أكثر في لبنان لأن للسعوديين أنصارهم هناك، وسوف يقدّمون لهم الدعم، وهذا سيؤدي الى المزيد من الصراع مع “حزب الله. من وجهة نظرهم، هم يريدون فقط أن يعيدوا بسط نفوذهم، ولكن هل سيؤدي ذلك على المدى القصير الى وضع أكثر هدوءاً في لبنان هو سؤال مختلف تماماً”.